بسم الله الرحمن الرحيم
يلا اتمنى يعجبكم
**اسم الكتاب: مختارات قصصية من الأدب الألماني
ترجمة : هيفاء شعيتاني
الناشر: دار الأوائل، سوريا، الطبعة الأولى 2002م
** على ظهر الكتاب نقرأ هذا التعريف بهذا الكتاب " ست قصص، قليلة في عددها، قصيرة في طولها، لكنها غنية بمضمونها فهي تحمل في طياتها جانبا إنسانيا تنبض به قلوب البشر".
هدف نبيل
تقول المترجمة إن اهتمامها بترجمة هذه القصص نابع من فكرة أن عليها أن تساهم بشيء في سبيل المعرفة، فهي تقول ليس بالخبز ولا بالعلم وحده يعيش الإنسان، وتعيد ذاكرتنا إلى سبب النهضة الإسلامية في العصور الماضية عندما اجتهد كل بحسب معرفته، لينهل من نتاج ما سكبته الأمم من عصارة تفكيرها.
وقد اختارت هذه القصص من اللغة الألمانية، ونوعت في الاختيار، ففيها المأساة الإنسانية، وفيها الأساطير، وفيها القصة الضاحكة، وفيها قصة تربوية، وطرافة حيوانية.
تميز آخر
تتميز هذه القصص أنها متنوعة في المواضيع ومختلفة في الأزمان، فهي تغطي مرحلة تمتد أكثر من قرن كامل من الأدب الألماني، لذا فإننا نجد في بعضها روح التاريخ وذكريات أوروبية، وأفكارا سياسية غير متداولة حاليا.
وتتفضل المترجمة بتعريف كل كاتب من هؤلاء الكتاب، الذين يظهر من تاريخ حياتهم وسيرهم أنهم من أرباب الأدب ومن المشهورين، وليس منهم من لم يكن علما من أعلام الأدب والقصة والفكر في ألمانيا، بل إن منهم من حصل على جائزة نوبل في الأدب، وهو الذي نقدم قصته كنموذج للقصص الواردة في هذه المجموعة المختارة بعناية.
الدرس الخاطئ
من القصص الجميلة التي تحمل عبرة، وتحتاج إلى محلل نفسي يزيد في شرحها للقارئ، هي قصة (قطع طريق)، كتبها القاص باول ارنست، وهذا الأديب حصل على جائزة نوبل للآداب في عام 1919م.
وتتلخص القصة في ان أحد الآباء أرسل ابنه للدراسة في جامعة أوكسفورد، وكان هذا الابن الشاب على خلق، وصاحب مبادئ علمها له والده الذي بينه وبين ابنه علاقة حميمة وقوية.
وكان هذا الطالب منكبا على دراسته، ومنشغلا عما يعمله الطلبة الآخرون الذين يسكن معهم، ويعيش بينهم ويتخذ منهم أصحابا.
أراد زملاؤه أن يمازحوه، ويخرجوه من عزلته التي يضربها حول نفسه، فطلبوا منه أن يشاركهم في لعبة قمار بما لديهم من نقود، وامتنع في الأول، لأن النقود التي معه هي مصروفه المتواضع كطالب، لذا فليس لديه ما يلعب به، ولكن زملاءه أثاروا فيه ما يثير صغار السن، من أنه لابد أن يكبر، وأن يستقل في فكره، وأن يعيش دنياه..
وغلب على أمره، ليقنعهم بأن ما يقولونه عنه خطأ، وأنه يستطيع أن يجاريهم، فاشترك معهم في لعبة القمار التي لا يجيد لعبها، وخسر جميع ما يملك، واستلف بعض المال معتقدا أنه سيعوض ما خسره، ولكن خسائره زادت وطلب مهلة ووعد بأنه سيدفع المطلوب عليه من لعبة القمار الخاسرة، وأمهله زميله رئيس الفريق ثمانية أيام وعليه بعد ذلك ان يثبت مقدار رجولته، ومقدار شرف وعده ..
خطأ التفكير
لحسن علاقته مع أبيه، فإن هذا الابن كتب الحقيقة كاملة لأبيه، وطلب منه أن يرسل النقود إليه، واعدا إياه بأن ذلك لن يحدث مرة أخرى..
عندما استلم الأب الرسالة أعجب بصدق ابنه، وأرسل له النقود، ولكنه رسم خطة بأن تصله النقود في اليوم الثامن حسب ما ذكره له ابنه، وذلك لكي يمتد عند ابنه تعذيب الضمير.
مضت الأيام وحان الموعد، وهو ينتظر النقود، وكان متأكدا من أن والده سيلبي طلبه، ولكن عندما انتهى اليوم الخامس ولحقه اليوم السادس، ولم تصل النقود أحس أن والده خذله، ولم يستمع له، وانتظر إلى اليوم الأخير، ولم يصله المبلغ. كبرت عليه نفسه العزيزة، ولم يرض ان يستذل لأصحابه ويطلب مهلة أو اعتذارا أو سلفة، فقرر أن يدبر النقود بطريقة كثيرا ما سمع بها، وهي ما يقوم بها اللصوص وقطاع الطرق الذين يقابلون المسافرين ويقتلونهم ويأخذون ما معهم، فكانت لندن في ذلك الوقت تعج بهم وتشتكي من أفعالهم.
في الليل لبس لباسهم، وأخذ سلاحه وانطلق يبحث عن فريسة، وقابله أحد المسافرين، وأطلق عليه النار وقتله وأخذ ما معه، وفي الغرفة فتح غنيمته، ووجد رسالة أبيه ومعها النقود المنتظرة، والموعود بها.
رسالة الأب
"…في اللحظة الأخيرة التي تكون قد تلقنت الدرس من تجربتك وبكل جوارحك، ليطبعك أخيرا بطابعه، وتنال نصيبك من الاضطراب، ولا يخطر ببالك أن أباك لا يحبك، فهاهي الليالي تمر بي والأرق لا يفارقني، لأني لا أفكر في شيء سواك، فما أنت إلا كل ما وهبني إياه القدر…. وأنت لم يكن صنعك معي … نعم .. حتى هذا اليوم إلا ما يبعث على الفرح، ولا شيء سوى ذلك…
وأنت لن تعود مرة أخرى إلى التسبب في جر القلق إلى نفسي."
رسالة الأصدقاء
عد النقود وجهزها وذهب إلى أصدقائه ليدفع ما عليه لهم، فكانت الصدمة التي لم يكن يتوقعها، فقد اعتذروا له عن أخذ أي مبلغ، بل ووبخه زميله قائلا إننا كنا نمزح، ولم نكن شياطين لكي نبتز مالك!! لأن المقصود من الدرس هو أن تتغير، فلم تعد طفلا.
وقال له يجب أن تتغير فأنت لست من هذا العالم.
فقال هذا الشاب الذي انقلبت حياته رأسا على عقب "أنا لست من هذا العالم".